أسماء في الذاكرة- مدرسة الصحابة

هذه التمهيد المبارك هو نص لخطبة كاملة من احدى خطب الجمعة للنبي صلى الله عليه وسلم, كما أوردها كل من ابن جرير والقرطبي رحمهما الله.

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام من بعده عليه الصلاة والسلام يقصرون من خطبة الجمعة والعيدين ويطيلون من القراءة في الصلاة, أي عكس مسلموا هذه الأيام الذين يطيلون الخطبة ويقصرون الصلاة حتى لا تكاد تتجاوز الدقائق الخمس, لتغدوا صلاتهم كصلاة المسيء صلاته نظرا لسرعتهم بها فالله نسأل الهداية للجميع والعودة الى السنة النبوية الشريفة, فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده يقرأ في ركعتي الجمعة: سورة الجمعة في الركعة الأولى, وسورة المنافقون في الركعة الثانية, وهذه السنة قليل من الأمة من ينتهجها اليوم حتى يغدون لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة على مستوى العالم الاسلامي كله, الله انا نسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تعيدنا الى اتباع السنة النبوية المباركة ليتحقق فينا قولك تبارك وتعالى:

قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله

ولنمتثل الى قوله تبارك وتعالى:
وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا


ان الذي دعاني للكتابة عن هذه الشعلة المباركة المضيئة: هو قلة معرفتنا بها, وبعضنا نحن المسلمون لا يدرك من هم العشرة المبشرين بالجنة, ولا المقطوع لهم بالجنة, ولا الأشهر القمرية, ولا حتى الأشهر الحرم, على حين جميعنا وبالاجماع يدرك الأشهر الشمسية, والأعياد الغربية , حتى وأنه يحصيها كما لو أنه يحصي أسماء أولاده.

انّ الله تبارك وتعالى أمرنا بالاقتداء بصحابة النبي صلى الله عليه وسلم, وقد ورد في الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال نحوا من ذلك:

سألت ربي عن اختلاف أصحابي من بعدي, فأوحي اليّ: أنّ أصحابك عندي بمنزلة النجوم من السماء, بعضها أقوى من بعض, ولكل نور, فمن أخذ بشيء ممن هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى, ثم قال عليه الصلاة والسلام: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم

ولعل هذا الحديث الشريف يدحض أقوال الذين لا يعترفون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا بسنة أصحابه الكرام البررة الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه سبحانه وتعالى.

انّ الهدف من عرض سيرة الصحابة الكرام كي ندرك كيف كان هؤلاء يعبدون الله عزوجل ويخلصون له العمل سبحانه وتعالى , وكيف كانوا يطيعون النبي صلى الله عليه وسلم, وكيف كانوا يخافون عليه حتى من الهواء الطائر, وكيف كانوا يدافعون عن دينهم ومقدساتهم, وكيف كانوا فيما بينهم كالبنيان المرصوص يشد بعضهم بعضا.

أما كيف وصلوا الى كل تلك الكرامات؟ فلأنهم امتثلوا لأوامر الله تبارك وتعالى القائل: من أطاع الرسول فقد أطاع الله, نعم بطاعتهم الله ورسوله فقد فازوا ونالوا الدرجات برضوان الله تعالى عليهم القائل فيهم: رضي الله عنهم ورضوا عنه, وماذا بعد رضا الله؟ جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق متكئين فيها على الأرائك, نعم الثواب وحسنت مرتفقا

انّ هذه الابحاث كنز ثمين لايعادلها أموال وخزائن الدنيا قاطبة, ذلك أنّ العلم عدا أنه فريضة, فهو كنز لا يفنى, ولولا أنه ذو قيمة عالية عند الله عزوجل لما امتدح الله عزوجل العلماء بقوله: انما يخشى الله من عباده العلماء

ان عصر الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين هو عصر المثل والآخلاق ولن يتكرر ما دمنا بهذه الغفلة, وقد كان يزخر بقوم كانوا يتسابقون فيه الى الكمال الانساني الرائع, فمنهم الطائر المحلق ومنهم المهرول, ومنهم المقتصد, وجميعهم رضي الله عنهم كانوا في قافلة الخير يسيرون الى أن وافاهم الأجل ونفوسهم آمنة مطمئنة, وفيهم رضي الله عنه

يقول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه الذين لا زالوا ينتظرون دورهم الى دار الخلود : ايها الناس! زوروهم وسلموا عليهم فو الذي نفسي بيده: لا يسلم عليهم مسلم الى يوم القيامة الا ردوا عليه السلام.

وأختم مقدمة البحث بحديث نعيش هذه الأيام بوداره بعدما كثرت الملل وتعددت التبعيات وانقسم الناس الى فرق كل فرقة تعتقد أنها الناجية, يقول النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من ذلك:

لياتينّ على أمتي كما أتى على بني اسرائيل حذو النعل بالنعل, وانّ بني اسرائيل تفرقوا على اثنتين وسبعين ملة, وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة, كلهم في النار الا واحدة, قالوا: ومن هي يا رسول الله, قال:


ما أنا عليه وأصحابي

اللهم اجعلنا من ملة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, ومن الذين يهتدون بسنته, ويستمعون القول فيتبعون أحسنه.
اللهم اجزي عنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بخير ما جزيت به نبيا عن أمته.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين


مدرسة الصحابة رضي الله عنهم


انّ الله تبارك وتعالى كما خلق الجنة وأعدها لعباده الطائعين, فقد خلق النار وجعلها مأوى للكافرين والمنافقين , ومن عقيدة أهل السنة والجماعة عدم الجزم لشخص معيّن على أنه من أهل الجنة أو من اهل النار, الا من وردت في شأنهم نصوص من الكتاب الكريم والسنة النبوية الصحيحة المطهرة, ذلك أنه ليس لنا أن نكفر مسلم بكبيرة, والله ذو العفو وذو الغفران.

المقطوع لهم بالجنة


ان شاء الله تبارك وتعالى


وقبل أن ندخل مدرسة الصحابة الكرام ونستعرض قصصهم العالية الشأن, بودي لو نقف وقفة سريعة بعون الله تبارك وتعالى, أمام المقطوع لهم بالجنة ونسأله تعالى أن يجعلنا من سكانها, ونطّلع على المقطوع لهم بالنار ونتعوذ بالله الكريم بأن يجنبنا اياها. وكل ذلك من خلال نصوص الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة.

وسبحانك اللهم وبحمدك, تبارك اسمك وتعالى جدك, لا اله الا انت, نشهد أن لا اله الا أنت وحدك لا شريك لك وأنّ محمدا عبدك ورسولك, وأنّ عيسى عبدك ورسولك وكلمته ألقاها الى مريم وروح منه, ونشهد أنّ الجنة حق والنار حق.

اللهم أحينا على هذه الشهادة, وأمتنا عليها, وببركتها اجعلها نورا في قبورنا, وابعثنا عليها, واجعلها في ميزان حسناتنا يوم القيامة, يوم لا ينفع مال ولا بنون, الا من أتى الله بقلب سليم, وأدخلنا ببركتها في رحمتك في عبادك الصالحين مع الصديقين والأنبياء والشهداء وحسن أولئك رفيقا, واجعلنا من ورثة جنة النعيم, انك على ما تشاء قدير وبالاجابة يا مولانا أنت جدير, ربنا وربّ كل شيء, لا اله الا أنت, كل شيء هالك الا وجهه الكريم, له الحكم واليه ترجعون, ولا اله الا هو سبحانه انا كنا من الظالمين.